الأحد، 15 مايو 2011

مخيم 'الشاطئ'.. اكتظاظ وفقر بفعل 'النكبة'

 غزة 15-5-2011 وفا-  زكريا المدهون
يعيش على شاطئ غزة 90 ألف فلسطيني، في ظروف مغايرة لرغد العيش وجماليته على شواطئ البحار، فعلى مساحة كيلو متر مربع واحد يعيش هؤلاء في اكتظاظ وفقر شديد.
مخيّم 'الشاطئ' للاجئين الفلسطينيين، الواقع غرب مدينة غزة على ساحل المتوسط  الشرقي، يعتبر أكثر مخيمات قطاع غزة فقرا واكتظاظا، ووفق شهادات الكثير من سكانه تتأكد حجم المآساة نتيجة ظروف معيشية واقتصادية صعبة.
بيوت صغيرة ومتلاصقة وأزقة ضيقة.. هذه دلالات على عذابات سكان المخيمات الذين هجروا وطردوا من مدنهم وقراهم في فلسطين قبل ثلاثة وستين عاما، وهذا الحال في مخيم 'الشاطئ' أيضا.
كان الأطفال وصغار السن يلهون اليوم الأحد، في شوارع وأزقة المخيم، غير مبالين بصيحات الجيران والمارة بالابتعاد وإفساح المجال بالمرور وتوفير الهدوء للجيران.
وفي أحد أزقة المخيم جلست اللاجئة المسنة خديجة عوض (83 عاما) أمام باب منزلها، هربا من الإزعاج الذي سببه لها أحفادها أثناء لهوهم داخل منزلهم الصغير.
الحاجة خديجة التي هاجرت من بلدة حمامة جنوب فلسطين الى القطاع، قالت لـ'وفا': البيت صغير ويسكنه عدد كبير من الأفراد غالبيتهم من الأطفال، ما اضطر إلى الخروج منه هربا من الضجة والصراخ.
وأضافت عوض التي كانت ترتدي ثوبا مطرزا خاصا بأهالي حمامة: بيتنا لا تتجاوز مساحته 80 مترا، بينما يقطنه حوالي عشرين فردا هم أولادي الثلاثة وأبنائهم.
وقالت عوض إنه لا يوجد مكان لأحفادها يلعبون فيه، فالشوارع صغيرة وضيقة ولا توجد ملاعب وحارات واسعة، وبالتالي يلعبون في داخل المنزل.
وأضافت وهي تتكئ على عكازها:' حياتنا كلها معاناة، فأولادي عاطلون عن العمل ويعتمدون على المساعدات التي تقدمها وكالة الغوث الدولية 'الأونروا'... وهي لا تكفي'.
ويعتمد الكثير من اللاجئين الفلسطينيين على المساعدات التموينية التي تقدمها لهم وكالة الغوث، لمساعدتهم على التغلب على ظروفهم المعيشية الصعبة الناتجة عن البطالة والفقر المدقع الذي ينتشر في قطاع غزة.
ورغم مرارة وقسوة الأيام، تؤكد الحاجة خديجة أنها لن تتنازل عن حقها في العودة إلى مسقط رأسها، رافضة 'كنوز الدنيا مقابل التنازل عن ذرة من تراب حمامة'.
وقال محمد المصري، نجل الحاجة خديجة العاطل عن العمل إنه يقطن وخمسة من أطفاله في غرفة واحدة.
وتابع:'تصور كيف تكون حياة أسرة في غرفة واحدة، طبعا تكون سيئة للغاية، فأولادي ينامون مثل علب السردين فوق بعضهم البعض'، مؤكدا أن حياتهم تزداد سوءا خلال فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة وانقطاع التيار الكهربائي.
وتقع حمامة جنوب فلسطين وتبعد عن شاطئ البحر المتوسط كيلو مترين، يحدها من الجنوب المجدل، ومن الجنوب الغربي الجورة ومن الشرق جولس ومن الشمال أسدود.
كان عدد سكان البلدة في العام 1945 حوالي 10 آلاف نسمة، ومساحة أراضيها 366ر41 دونماً، وكانت تشتهر بزراعة الحمضيات واللوزيات والحبوب، إضافة إلى صيد السمك.
من جانبه، وصف الدكتور عبد الله نصار رئيس اللجنة التحضيرية للجنة الشعبية في مخيم الشاطئ ذكرى النكبة بالمناسبة الأليمة والحزينة، مؤكدا أن حق العودة لن يسقط بالتقادم وبمرور الزمن.
وشدد في حديث لـ 'وفا' على إصرار أهالي المخيم كباقي اللاجئين الفلسطينيين على العودة إلى ديارهم التي اقتلعوا منها، ورفضهم مشاريع التعويض والتوطين.
ووصف الظروف التي يعيشها سكان المخيم بعد ثلاثة وستين عاما على نكبتهم، بأنها سيئة وصعبة للغاية، مشيرا إلى أن أبناء المخيم يعانون من عدة مشاكل في مقدمتها مشكلتا الاكتظاظ السكاني وضيق المسكن وانعدام التمدد العمراني الأفقي.
وأضاف نصار، هناك العديد من المشاكل الأخرى التي يعاني منها السكان مثل: مشكلة مياه الشرب، إذ أن المياه مالحة وملوثة ولا تصلح للاستخدام البشري اضافة الى انقطاعها المتكرر خلال فصل الصيف، وكذلك انقطاع التيار الكهربائي الذي يفاقم معاناتهم خلال فصل الصيف.
وتطرق نصار في حديثه إلى الوضع الصحي لأهالي المخيم، فقال: إن الأهالي يعانون من انتشار الأمراض الجلدية والطفيلية والدودية بنسبة تصل إلى 40%، إضافة إلى انتشار الحشرات والزواحف والجرذان في فصل الصيف.
وتحدث نصار عن مشكلة الصرف الصحي وانسداد الشبكات وغرق بعض  المناطق والبيوت خاصة خلال فصل الشتاء، مشيرا إلى نقص  المناطق المفتوحة والملاعب لأبناء المخيم، ما يتسبب بالاحتكاكات بين السكان.
وأشار كذلك إلى مشكلة البطالة التي يعاني منها أبناء المخيم، وانعدام فرص العمل لآلاف الخريجين، منتقدا تقليص وكالة الغوث لخدماتها المقدمة لابناء المخيم في ظل الأوضاع المعيشية والحياتية الصعبة التي يمرون بها.
وطالب نصار 'الأونروا' والجهات المختصة بزيادة اهتمامها بسكان مخيم 'الشاطئ' وتعزيز صمودهم.
ووفقا لإحصائيات وكالة الغوث، يقدر عدد اللاجئين في قطاع غزة 1,1 مليون نسمة، أي ثلاثة أرباع السكان، ويقطنون ثمانية مخيمات يعتبر مخيم 'الشاطئ' ثالثها من حيث الكثافة السكانية بعد مخيمي 'جباليا' شمالا و'رفح' جنوبا.
وينحدر غالبية سكان مخيم 'الشاطئ' من مدن وقرى وبلدات جنوب فلسطين مثل: الجورة وحمامة والمجدل وهربيا والفالوجا، والقليل من مدن الشمال مثل: يافا وحيفا.
ويشكو أهالي المخيم من انعدام القدرة على التمدد العمراني الأفقي، الأمر الذي اضطر الكثير من السكان وبسبب ضيق المسكن وزيادة عدد أفراد الأسرة بهدم منازلهم 'الأسبستية' وبناء منازل من الأسمنت من عدة طبقات على أنقاضها.
لكن هذا الوضع لا يمحو رمزية المخيم، فتبقى البيوت متلاصقة مع بعضها البعض، وكذلك أحيانا لا يوجد إمكانية لإخراج نعش ميت في بعض الأزقة.
ويوجد في المخيم عيادتان تابعتان لـ'الأونروا' للعلاج المجاني وثالثة تابعة للحكومة، وكذلك يتلقى أبناء المخيم تعليمهم الأساسي مجانا في عشرات المدارس التابعة للوكالة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق