الأحد، 22 يناير 2012

مهنة الخياطة في غزة...من الازدهار الى الدمار


غزة 22-1-2012وفا- يجلس إياد المعصوابي خلف ماكينة الخياطة  في محله الصغير بمخيم الشاطئ غرب مدينة غزة لإصلاح قطع ملابس لمواطنين مقابل أجر مادي بسيط يساعده على التغلب على مصاعب الحياة.
 المعصوابي لجأ الى هذا العمل بعدما فقد عمله في مهنة الخياطة، بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ خمسة أعوام.
يقول المعصوابي (38 عاماً) لـ "وفا": "عملت في مهنة الخياطة لمدة 20 عاماً مقابل أجر مادي جيد في تلك الفترة، لكن خلال الانتفاضة انقلب الوضع وتوقفت معظم مصانع الخياطة عن العمل."
ويضيف وهو يحيك قطعة قماش: "بحثت عن عمل لكن دون جدوى... ما اضطرني لفتح محل صغير لإصلاح الملابس لإعالة أسرتي المكونة من سبعة أفراد."
ويحصّل المعصوابي في نهاية يومه كما يقول مبلغا ماليا جيدا يساعده على توفير متطلبات أسرته.
وكانت مهنة الخياطة شهدت ازدهارا كبيرا خلال فترة الثمانينات والتسعينيات من القرن الماضي، ما جعلها من أكثر الصناعات التي تدر أرباحا على أصحابها والعاملين فيها ، لكن الحصار والإغلاق أصابها في مقتل.
حال المعصوابي يعتبر أفضل بكثير من حال عاهد أبو غين الذي فقد عمله في الخياطة منذ عشرة أعوام وهو الآن يبيع السجائر.
يقول أبو غبن (26 عاما): "كنت أتقاضي 100 شيكل يوميا أثناء عملي كخياط، لكني أحصل اليوم بالكاد على 20 شيكلا من بيع السجائر".
ويؤكد "أنه لجأ الى بيع السجائر بعد أن سدت جميع أبواب الرزق في وجهه"، لافتا الى ما يعانيه من مصاعب خلال عمله كبائع للسجائر.
وتمنى أن يعود لمهنة الخياطة مجدها السابق ليعمل في صنعته الأصلية التي ستوفر له ولأسرته حياة كريمة.
بدوره، يؤكد صالح عايش نائب رئيس اتحاد أصحاب مصانع الخياطة في قطاع غزة، أن قطاع صناعة الملابس من أكثر القطاعات الإنتاجية في قطاع عزة تضرراً، خاصة في ظل الحصار والإغلاق.
وبيّن أن قطاع غزة كان يصدر نحو أربعة ملايين قطعة من الملابس المختلفة شهريا الى اسرائيل والخارج، لافتا الى أننا أصبحنا نستورد الملابس من الخارج بعد أن كنا مصدرا هاما للتصدير.
وأشار عايش لـ "وفا"، إلى أن عدد المصانع المسجلة لدى اتحاد مصانع الخياطة بلغ في عام 2001 حوالي 980 مصنعاً، لكن نتيجة الظروف القاسية التي يمر بها قطاع غزة والإغلاقات المتكررة، فقد تراجع هذا العدد من المصانع بحيث يبلغ عدد الأعضاء المسجلين 560 عضواً.
ويوضح أن عدد العاملين في صناعة الملابس ومكملاتها مثل: الصباغة والغسيل بلغ في عام 2000 حوالي 35 ألف عامل، لكن كان يعمل قبل الإغلاق والحصار الحالي للقطاع حوالي 14 ألف عامل فقط، بمعنى أن لدينا أكثر من عشرين ألف عامل عاطلين عن العمل، أما الآن فقد أغلقت معظم المصانع الباقية أبوابها بسبب عدم إدخال الأقمشة والمواد الخام اللازمة لصناعة الملابس.
من جانبه اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور ماهر الطباع، قطاع الخياطة من أكبر القطاعات الصناعية في قطاع غزة في الفترة السابقة، مؤكدا تكبده لخسائر فادحة نتيجة الإغلاق والحصار.
ويبيّن الطباع لـ "وفا"، أن آلاف العمال كانوا يعملون في مهنة الخياطة ما بين خياطة وكوي وصبغة، منوها الى أن أكثر من 90% من مصانع الخياطة في القطاع مغلقة وأن ماكيناتها تحتاج الى صيانة وقطع غيار لتوقفها عن العمل لفترة طويلة جدا.
ويضيف، أن بعض أصحاب مصانع الخياطة ممن أوضاعهم المالية جيدة ذهبوا للاستثمار في مشاريع تجارية أخرى،  بينما انضم آلاف من عمال الخياطة الى جيش البطالة.
واقترح الطباع إيجاد أسواق بديلة للسوق الإسرائيلية اذا أردنا لقطاع الخياطة ان يسترد عافيته من جديد، خاصة التركيز على عمقنا العربي في ظل المتغيرات الجديدة التي تشهدها بعض الدول العربية.
ووفقاً للخبير الاقتصادي فان نسبة البطالة في قطاع غزة انخفضت حاليا الى 28% جرّاء الحركة العمرانية النشطة المعتمدة على مواد البناء المهربة عبر الأنفاق الأرضية جنوب القطاع.