الأربعاء، 13 مارس 2013

تضم قبورآلاف الصحابة والتابعين... خطر الزوال يتهدد مقبرة مأمن الله التاريخية في القدس المحتلة




القدس: تعرف هذه المقبرة في العصر الحديث بمقبرة ما ميلا وأصلها من مأمن الله، حيث دعيت مأمن الله، او زيتون الله، ولم يتفق المؤرخون أو من ذكروا اسم ماملا على أصل هذه الكلمة، او رسم معين موجود لها، وقد ذهبوا مذاهبا شتى في تفسيراتهم حتى وصلوا إلى نحو 24 اسما لها، ومنها: املا، باب الله، باب المله، باملا، بيت مامل وغيرها، وهي تعرف باسم ماميلا منذ العصر المملوكي وطيلة العصر العثماني حتى اليوم.
المساحة:
تعّد مقبرة ماميلا من أكبر مقابر المسلمين في بيت المقدس، وتقع غربي المدينة حيث تقدر مساحتها بمئتي دونم، علما بأن الإحصاءات الأخيرة تُقَدر مساحتها بما يقارب 135 دونم/ مستثنى منها بناية الأوقاف التي كانت مبنية عليها، ومقبرة الجبالية التي يفصلها عنها الشارع.
تاريخ المقبرة:
تعود المقبرة وبداية الدفن فيها إلى ما قبل العصر الأيوبي ولربما ترجع لنهايات العصر العباسي.
إلا انه من اعظم الأحداث التي ارتبطنا بها هو دفن قرابة 70000 مسلم ممن قتلهم الصليبيين في مجزرة بيت المقدس التي احدثوها حال احتلالهم للمدينة، حيث جمعت الجماجم والجثث من قبل المسلمين القلائل الذين بقوا على قيد الحياة ووضعت في انفاق ومغاور في أرض المقبرة.
كما دفن فيها من استشهد من الأبطال في المعارك ضد الصليبيين بناء على طلب صلاح الدين الأيوبي، بالإضافة لعدد من العلماء والفقهاء منهم:
1- الأمير عيسى محمد الهكاري الشافعي، احد أمراء الجهاد عند صلاح الدين الأيوبي.
2- الشيخ شهاب الدين ( ابو العباس) المقدس من العلماء الصالحين والفقهاء والمقربين.
3- ابن القباقيبي ( شمس الدين ابو علد الله محمد ) الشافعي.
4- احمد بن محمد الأنصاري ( ابو حامد).
5- قاضي القضاة شيخ الإسلام شمس الدين ابو عبد الله.
الاعتداءات على مقبرة ماميلا:
بدأت الإعتداءات على المقبرة منذ فترة الانتداب البريطاني بانتهاك حرمة مقبرة الشهداء والصالحين، وذلك بالسماح للمجاورين رمي النفايات او تسليط المياه العادية على أرض المقبرة، حتى أنها كونت مستنقعا عليها.
لحق ذلك في الفترات اللاحقة انتهاكات سافرة كانت بعد احتلال القوات الإسرائيلية للقدس الغربية عام 1948، وسقطت هذه المقبرة كجزء من المنطقة المحتلة، حيث بات أمر استباحتها أكثر هونا على المحتل فاجتثت معالمها وتغيرت وتحولت في قسم كبير منها إلى حديقة عامة تعرف بحديقة المستقبل، وجزء آخر حول الى موقف للسيارات ولم يبق من معالمها اليوم إلا جزء يسير لا يتجاوز الخمس.
وباتت مقبرة الشهداء والصالحين، مقرا للرذيلة والفواحش التي يرتكبها مرتادو الحديقة من الشاذين الساقطين .


نداء استغاثة لإنقاذ مقبرة مأمن الله:  
في هذا السياق، أرسل المهندس زكي محمد اغبارية- رئيس “مؤسسة الاقصى للوقف والتراث”- برسائل عاجلة الى عناوين عالمية ومحلية بعنوان: "نداء استغاثة من مقبرة مأمن الله، طالب فيها بالتحرك العاجل لإنقاذ المقبرة الاسلامية التاريخية في القدس.
وجاءت رسالة المهندس اغبارية ضمن حملة تطلقها "مؤسسة الاقصى" عالميا ومحلياً لتحريك ملف مقبرة مأمن الله، في ظل استهدافها المتواصل من قبل أذرع المؤسسة الاسرائيلية ومخططات لتدميرها وتهوديها كاملا.
وجاء في الرسالة: "تعتبر مقبرة مأمن الله في مدينة القدس من أقدم المقابر الفلسطينية، وقد دفن فيها جمع من الصحابة والتابعين والعلماء والمجاهدين ومن أعيان القدس الشريف على مر التاريخ، ولكن للأسف هذه المقبرة استهدفت منذ نكبة فلسطين ولا زالت تستهدف حتى يومنا هذا من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلية، إذ اقتطعت ما يقارب الـ 85% من مساحتها وحولتها إلى حدائق عامة وشوارع وأقامت عليها المباني والمؤسسات والمدارس والملاعب بما يسمى حديقة الاستقلال، وما تبقى من مساحتها هو فقط ما يقارب الـ 23 دونم من أصل 154 دونماً، وحتى هذه المساحة هي الأخرى لا زالت تستهدف على يد السلطات الإسرائيلية التي تحاول بكل ثمن أن تتخلص مما تبقى منها.
وتابعت الرسالة :" ففي تاريخ 25/6/2011م، وتحت غطاء الظلام وفي ساعات الليل المتأخرة قامت جرافات بلدية القدس الإسرائيلية بالدخول إلى مقبرة مأمن الله ودمرت بشكل كامل ما يقارب 500 قبر وشاهد، ولا زالت السلطات عازمة على مواصلة الجرف والتدمير لقبور الأجداد في مدينة القدس، إذ قامت بوضع إشارة حمراء على عشرات القبور الإضافية كخطوة مسبقة لتدميرها …. هذا وفي نفس الوقت وفي الجهة الشمالية الغربية لما تبقى من المقبرة تستمر شركة سايمون فيزنطال بأعمال البناء على موقع المقبرة لما لا يخجلون بتسميته وبكل وقاحة “متحف التسامح".
وكشف رئيس المؤسسة خلال رسالته عن مخططات تدميرية تهويدية ستقام على أرض المقبرة، إذ قال في الرسالة: "وفي أجزاء متفرقة من المقبرة تسعى السلطات الاحتلالية لإقامة مشاريع تهويدية (المخططات محفوظة لدينا) بقيمة تفوق الـ 10مليون شيكل (ما يقارب 3 مليون دولار) لتكرس سيطرتها على المقبرة، ففي غربي المقبرة الحالية المتبقية تقوم بلدية القدس في هذه الأيام ببناء مقهى على أرض المقبرة التاريخية كإشارة واضحة على إصرار البلدية على مواصلة تدمير وطمس هذا المعلم الإسلامي العربي حتى آخره، كما اقتطعت مساحة 5 دونمات من المقبرة في الزاوية الجنوبية الغربية وأحيطت بالسياج وتستعمل كمخزن للآليات والمعدات الثقيلة للمقاولين الذين يعملون في المشاريع المحيطة بالمقبرة حالياً ومن المخطط إقامة متحف في نفس المنطقة يحكي قصة موارد المياه في القدس في التاريخ القديم.
وهنالك مخططات خبيثة أخرى لبناء مباني لمحاكم الصلح والمركزية على جزء آخر من المقبرة التاريخية غربي ما يسمى بـ "متحف التسامح"، إضافة إلى مخططات لتفعيل بركة تجميع المياه في وسط المقبرة وتحويلها إلى مركز سياحي والذي يشمل تركيب أعمدة إنارة في المقبرة مما يترتب عليه حفر أساسات عميقة سوف تمس قطعاً بحرمة الأموات المدفونين في المقبرة.
كما ان هنالك مخططات لإقامة منطقة عروض للاحتفالات وشق طريق جديد وبناء بنى تحتية للمياه والكهرباء وغيرها، وإقامة مبنى للتحكم في أجهزة الري في المنطقة وتخصيص حديقة للكلاب.